يسبب تدخين السجائر في مراحل الطفولة والمراهقة مشاكل صحيةً كثيرةً بين فئة الشباب، بما في ذلك زيادة عدد وخطورة أمراض الجهاز التنفسي، وتدني مستوى اللياقة البدنية والتأثيرات المحتملة على نمو الرئة ووظيفتها، بالإضافة إلى بعض المخاطر الأخرى على الجسم مثل السرطان وأمراض القلب، وتكمن الخطورة في أن يتحول التدخين إلى إدمان يستمر حتى بعد البلوغ، حيث تفيد الإحصائيات أن 87% من المدخنين الاعتياديين قد جربوا سيجارتهم الأولى قبل بلوغهم سن 18 عامًا، و95% قاموا بتجربة التدخين قبل سن 21 عامًا.[١]


بالنسبة للمربين، قد يكون التدخين واحدة من أعقد المشكلات التي تواجههم مع ابنهم المراهق أو ابنتهم المراهقة، ولكن قد يساعد فهم عقلية المراهق وطريقة تفكيره، إلى جانب الوعي حول ظاهرة التدخين نفسها وطريقة التعامل معها، على تسهيل حل هذه المشكلة قبل فوات الأوان.


لماذا ينتشر التدخين بين المراهقين؟

يبدأ العديد من المراهقين في التدخين في سن مبكرة بدافع الفضول أو المغامرة، كما أن البدء المبكر في التدخين يجعل الإقلاع عن التدخين أكثر صعوبة.[٢] وفيما يلي بعض أهم الأسباب التي تدفع بالمراهقين لتجربة السيجارة الأولى:[٣]


1- أن يكون أحد الأبوين أو كلاهما مدخنا: فالمراهقون غالبا ما يقلدون الأشخاص الأكبر منهم وخصوصا الأبوين بدافع الشعور بالنضج، فإن كان الوالدان من المدخنين، فإن ذلك سيزيد من فرص تقليد الابن المراهق لهما.

2- الوقوع تحت ضغط الأقران: فالأصدقاء يشكلون أسلوب ضغط على المراهق لإقناعه بتجربة التدخين، وسيشعرونه بالضعف أو النقص في حال لم يقبل هذه التجربة، كما أن الأقران المماثلين بالعمر يحاولون فرض التدخين على أصدقائهم من أجل تعزيز الشعور بقوة الشخصية الذي يسعون بشكل عام إلى إثباته لنفسهم ولمن حولهم.

3- اعتبار التدخين كوسيلة لإظهار التمرد أو الاستقلالية بالقرارات: فالبرغم من قلة خبرتهم إلا أن المراهقين غالبا ما يتصفون بالتمرد على كل الضوابط الأسرية والإجتماعية، ويميلون إلى الاستقلالية باتخاذ القرارات التي تخصهم، فيعتبرون البدء بعادة كالتدخين مؤشرا على حرية التصرف وذاتية القرارات.

4- الشعور بالتقبل والانخراط مع المجتمع: فعندما يرى المراهقون أن الغالبية ممن حولهم هم من المدخنين، سيظنون أن تبني هذه العادة سيجعلهم جزءا من بقية المجتمع ويشعرهم بأنهم غير منعزلين عن الفئات المحيطة وأقرب من الجماعات.

5- الحملات الإعلانية التي تقوم بها شركات تصنيع السجائر: تحاول الشركات المصنعة للسجائر ومنتجات النيكوتين العديدة الأخرى إظهار التدخين على أنه عادة جذابة ولافتة للانتباه، فيقومون بتصور المدخن أو المدخنة على أنه شخص بالغ وحسن المظهر وملفت لمن حوله، وهذه الصفات تستهوي المراهقين في مرحلة تكوين الصورة الذاتية لأنفسهم.

6- أحيانا تكون السجائر ذات أسعار متدنية: في بعض الدول تنخفض الضرائب على السجائر ومنتجات النيكوتين الأخرى، مما يجعل المراهق قادرا على شرائها من مصروفه الشخصي.

7- الفضول دون معرفة العواقب: يقوم بعض المراهقين بتجربة التدخين بدافع الفضول لا غير، ولكنهم لا يكونون على دراية بالعواقب التي قد تصل لإدمان هذه العادة بعد 100 سيجارة فقط.


كيف تحمي ابنك المراهق من بدء التدخين؟

في بداية الأمر قد يشرع المراهق بالتدخين دون العلم بالعواقب، ولحماية ابنك المراهق من الوقوع في هذه المشكلة، اتبع النصائح التالية:[٤]


كن قدوة حسنة لأبنائك

حيث يشيع التدخين بين المراهقين الذين يدخن آباؤهم أكثر من المراهقين الذين ليسوا لآباء مدخنين، فإذا كنت مدخنًا وكان طفلك مشرفًا على مرحلة المراهقة، حاول الإقلاع الآن أو استشر طبيبك لمساعدتك على التخلص من هذه العادة بأسرع وقت.


وأن كنت لا تزال مدخنًا، حاول قدر المستطاع عدم التدخين أمام ابنك المراهق، ولا تترك سجائرك في متناول أيدي أطفالك. حاول أن تشرح لابنك المراهق مدى استيائك من هذه العادة، ومدى صعوبة الإقلاع عنها رغم المحاولة، وأنك ستستمر في المحاولة حتى تتوقف عن التدخين نهائيًا.


افهم الحيلة التسويقية وراء التدخين

يمكن أن يكون تدخين المراهقين شكلًا من أشكال التمرد أو وسيلة للتكيف مع مجموعة معينة من الأصدقاء. قد يدخن المراهقون ليشعروا بالراحة والاستقلالية. اسأل ابنك المراهق عما يعرفه عن تدخين السجائر التقليدية أو السجائر الإلكترونية، وما إذا كان أي من أصدقاء ابنك المراهق يدخن، تحدث مع ابنك المراهق عن الطريقة التي تحاول بها شركات صناعة الدخان التأثير على الأفكار المتعلقة بالتدخين، على سبيل المثال من خلال الإعلانات أو وضع المنتج في الأفلام التي تخلق تصورًا بأن التدخين ساحرٌ ومثيرٌ ويدل على النضج والاستقلالية.


كن حازمًا وقل لا!

قد يتبادر لك شعور أن ابنك المراهق لا يسمع كلامك حتى لو كان في سبيل تحقيق مصلحته، ولكن هذا لن يمنعك من الوقوف في طريق تدخينه ورفض الاستمرار في هذه العادة. أخبر ابنك المراهق أن التدخين غير مسموح به. وسيكون لرفضك تأثير أكبر مما تعتقد.


ثقف نفسك وطفلك حول خطر السجائر

كن على علم أن جميع مصادر النيكوتين، بما فيها السجائر التقليدية والسجائر الالكترونية والشيشة وغيرها، جميعها تسبب نفس الضرر تقريبًا، وهي عادات يسهل إدمانها، تجاهل كل ما يشاع عن كونها أقل ضررًا أو أقل تسبيبا للإدمان، فهي بصورة أو بأخرى عادة لا تريد لابنك أو ابنتك المراهقين تعلمها. ذكر طفلك دائمًا بمخاطرها الصحية والاقتصادية، على المدى القريب والبعيد على حد سواء.


وعِّ طفلك

أخبر ابنك المراهق أن التدخين يجعل رائحة الفم والثياب كريهة، وهذا ينفر الناس من حوله، وأن التدخين يسبب اصفرارًا بالأسنان والأظافر وهو أمر لا يريده أيضًا. أخبره عن المخاطر الصحية الأكبر والتي تمتد من الصداع والسعال وتدني مستوى اللياقة وتصل إلى أمراض السرطان وتصلب الشرايين وحتى التسبب بالوفاة


أجرِ بعض الحسابات

فكر بشيء قد يحبه طفلك، كهاتف ذكي، أو ملابس جديدة، أو جهاز لتشغيل ألعاب الفيديو، ثم احسب له تكلفة التدخين على نطاق شهري، وأثبت له أن تكلفة التدخين قد يمكن ادخارها لشراء حاجات أكثر ضرورة وفائدة له.


اغرس في طفلك القدرة على قول "لا"

علّم طفلك منذ الصغر أن لا ينصاع للضغط الاجتماعي من الأقران، وأن يقول "لا" إن دعت الحاجة. أعلمه أن قول"لا شكرا.. أنا لا أدخن" أمر يزيد من قوة شخصيته وليس العكس، فلا يكون بذلك عرضة لتجربة التدخين فقط ليشعر بالقبول من أقرانه وأنه لا يقل عنهم.


اضرب الأمثلة

يعتقد المراهقون أن الأمور السيئة تحدث لأناس آخرين فقط، وأنهم بأمان بالمستقبل طالما أنهم بأمان الآن. اضرب لطفلك الأمثلة من أناس يعرفهم ويحبهم، كيف أنهم أصيبوا بأمراض مرتبطة بالتدخين لأنهم بدأوا التدخين في سن مبكر ولم يتمكنوا من الإقلاع عنه لاحقًا.


المراجع

  1. "Tobacco Use Among Children and Teens", American Lung Association, 03/04/2020, Retrieved 21/12/2021. Edited.
  2. Korean J Pediatr (31/10/2011), [https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3250592/], National Center for Biotechnology Information Search database, Retrieved 21/12/2021. Edited.
  3. "Why Kids Start Smoking", American Lung Association, 19/03/2020, Retrieved 21/12/2021. Edited.
  4. "Teen smoking: 10 ways to keep teens smoke-free", mayo clinic, 23/10/2020, Retrieved 21/12/2021. Edited.