تعتبر فترة المراهقة فترة مهمة في حياة الانسان، ينتقل خلالها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج. تشكل هذه المرحلة مخاوف وتحديات للمراهقين بسبب التغيرات التي يمرون بها من حيث الشكل والوزن والطول، وتغيرات في أعضاء الجسم، وفي طريقة التفكير. حيث يبدأ المراهق بتطوير سمات شخصية فريدة تؤثر على سلوكياته العاطفية والاجتماعية، في وقت لا يزال عقله غير جاهز لصقل هذه هذه الشخصية وتوقع عواقب وآثار قراراته التي يتخذها، والتي يظن أنها الأمثل. وهنا يأتي دور الأهل في تقديم الدعم المدروس لضمان انقضاء فترة المراهقة دون خسائر أخلاقية أو نفسية لدى الابن أو الابنة.


نصائح للأهل للتعامل مع الابن المراهق

في ما يلي مجموعة من النصائح التي سيساعدك اتباعها على تسهيل التعامل مع ابنك أو ابنتك خلال سن المراهقة:[١]


كن صديقا لابنك المراهق

غالبًا ما ينفتح المراهقون للآباء الذين يتصرفون كأنهم أصدقاء لهم ويتفاعلون مع مشاكلهم دون قلق أو تهويل. كونك صديقًا لطفلك المراهق أو المراهقة سيكون أمرا إيجابيًا لهم بالوقت الحالي، ولك خلال سنوات المراهقة وطوال الحياة. سيعتاد ابنك على الوثوق بك مما يجعله يشعر بالأمان، وسيجدون ملجئا للرجوع إليه عند المرور بأوقات عصيبة.


احرص على ابقاء سبل للتواصل

التواصل لا يعني أن على المراهق أن يخبرك بكل شيء وأنت عليك أن تستمع، بل إن التواصل يعني إجراء محادثة ثنائية الاتجاهات. إذا أخبرك ابنك بشيء يقلقه، فإنه يتوقع منك أن تخبره عن مخاوفك وأسرارك أيضًا. هذا سيجعلهم يشعرون بأهميتهم وكبرهم ونضجهم. فالأطفال يحبون أن يشعروا بأنهم كبروا وستكون أنت السبب وراء منحهم هذا النوع من الثقة. بمكن اعتبار أن التواصل هو أساس إنشاء أفضل رابطة بين الوالدين والطفل المراهق.


شجعه على فعل ما يحب

شجع طفلك المراهق على المداومة في الأنشطة اللامنهجية الجماعية، وأخبره بأنه بارع في عمل ما وأنه يجب عليه متابعته والاستمرار به دون تردد. المراهقون يحبون سماع الكلمات التشجيعية وتذكيرهم بأنهم موهوبون وقادرون على جعل والديهم فخورين بهم. سيساعدهم ذلك في شحذ مهارة ما وسيصبحون أفضل فيما يحبون فعله.


دعه يكتشف الأشياء بنفسه

وهذا لا يعني أن تتركه بمفرده، ولكن من الضروري أن تمنح ابنك المراهق مساحة خاصة له. أنت تعلم أنهم سيأتي إليك في نهاية المطاف، لكن يجب على المراهقين أن يعتادوا على محاولة حل المشكلات بأنفسهم. وبمجرد أن يفعلوا ذلك، سوف يشعرون بالفخر وستكون هناك ثقة واستقلالية متجددة في الطفل. لا تقتصر مسؤولية الوالدين على التواجد من أجل المراهق فحسب، بل تتمثل أيضا في جعل المراهق مستقلًا.


ركز على الإيجابيات

لا تنس أن المراهقين هم بالأساس أطفال غير ناضجين تماما بعد، وهم معرضون للوقوع بالخطأ في أي وقت وتحت أي ظرف. تحدث معهم بشكل مستمر ولكن لا تلتزم بالحديث عن السلبيات فقط، ولا تكثر من الانتقاد، ولا تلق باللوم على طفلك، أخبره أنه يقوم بالعديد من الأشياء بشكل صحيح وأنك ترى ذلك، وأن دائما هنالك حلول للأمور التي قد تحدث بشكل خاطئ. بهذه الطريقة فقط ستضمن أن طفلك يصغي لك.


علمه قواعد الحياة

للحياة قواعد معينة، عرفها الكبار من خلال خبرتهم وتجاربهم السابقة، ومن واجبهم تعليمها للأطفال، ومن الواضح أن الأطفال يعرفون أنهم ما زالوا يجهلون الكثير من الأشياء ولن يمانعوا أن يتعلموها إذا قمت بصياغتها لهم بطريقة ودية. أظهر للمراهق أنك تقف في صفه وستجده مهتمًا للغاية بالتعلم وخوض الحوار معك.


مهارات يجب تنميتها لدى المراهق

فيما يلي تفصيل لمجموعة من المهارات التي يجب على كل مربٍ أن يسعى لتطويرها لدى ابنه المراهق أو ابنته المراهقة، فالمراهق قد أصبح قادرًا على تعلم مهارات حياتية وهو بحاجة الآن بحاجة لأن يتم تحضيره لفترة النضج التي تلي سن المراهقة:[٢]


مهارة تحديد الأهداف الشخصية

كتعليم المراهق حب المبادرة وأهمية التواصل مع الآخرين والاستعداد لخوض تجارب جديدة خارجة عن نطاق الراحة المألوف والالتزام بالقواعد المتعلقة بالأسرة والعمل وتنمية الدوافع الشخصية، كن على علم أن ابنك المراهق قد يفضل التركيز على هوايات معينة أو أنواع من الفنون أكثر من الدراسة، كالموسيقى أو الرقص، ولا بأس بذلك، استغل هذه الفرصة لتعليمه الموازنة بين دراسته وهواياته.


مهارات الأداء التنفيذي

كالتخطيط للمستقبل وتنفيذ الخطط قصيرة الأمد، وصناعة القرارات والمراقبة الذاتية، فهذه مهارات ستساعده على تكوين شخصية منظمة وتجعله شخصا قادرًا على إدراة أمور حياته بشكل أفضل.


مهارات العيش المستقل

لا بد من تعليم المراهق أساسيات العيش المستقل والاعتماد على الذات، فقد يضطر المراهق للسفر من أجل إكمال الدراسة فور انتهاء سنوات مراهقته، أو قد يحصل على عمل بمدينة بعيدة عن منزل الأسرة الحالي، لذا لا بد أن يكون على إلمام ببعض قواعد الاستقلالية كإدارة الدخل، والطهي والغسيل والتنقل، ومهارات البحث عن الوظائف وإجراء مقابلات العمل، وتقبل النقد. قد يعاندك ابنك وقد يرفض تلقي هذه التعليمات ولكن اشرح له السبب وأعلمه أنك تسعى لتحقيق مصلحته، وابق مصرًا على تعليمه هذه المهارات، وسيشكركك لاحقًا.


مهارات الدراسة

قد يميل المراهقون إلى إهمال الدراسة في المرحلة الإعدادية، ولكن حاول تذكير ابنك بأهمية العلم وضرورته لاستكمال حياة رغيدة، حفز جانب الفضول لدى المراهق تجاه استكشاف التخصصات الأكاديمية الجديدة فقد يجد تخصصًا يستهويه ويظهر إبداعه. أعلم المراهق أن تأدية الفروض المنزيلة شرط للسماح له بالخروج مع أصدقاءه أو لعب ألعاب الفيديو.


مهارات الرياضة والعادات الصحية

حافظ على العادات الصحية للمراهق، كممارسة الرياضة وتناول الأكل الصحي والحصول على ساعات النوم الكافية، ذكر المراهق أن الالتزام بهذه العادات في هذه الفترة سيضمن له صحة أفضل لبقية العمر، وأنه سيكون متميزًا في المجال الرياضي إن داوم على التدريب، مما سيضمن له الشهرة (وهو أمر قد يستهوي بعض المراهقين)، وأن الرياضة قد تضمن له مجموعة أخرى من الأصدقاء ليقضي الوقت معهم في حال تعثرت علاقاته بأصدقاء الدراسة أو الحي، كما أن عنصر التحدي والنصر قد يكون حافزًا للمراهقين لأن يحققوا نجاحات في مسارات حياتية أخرى كالعمل مثلًا.


مهارة الوعي العاطفي

الأبناء المراهقون بالغالب يحملون صفات عاطفية شبيهة بصفات آبائهم وأمهاتهم، قد يسهل عليك فهم عواطف ابنك أو ابنتك المراهقين، علمه طريقة التعبير المناسب عن العواطف، والقدرة على التحكم بها، ذكره بأهمية التعاطف وقوي قدرته على تقبل العواطف السلبية. ولكن لا تنس أن المراهقين يعانون من اضطرابات مزاجية، كن متيقظًا لها دومًا وكن داعمًا وموجهًا ومثالًا إيجابيًا، لا حاكمًا وسريع الملل.


المهارات الاجتماعية

كالتواصل مع الآخرين وحسن الاستماع وحل النزاعات وتقييم المواقف، وهذه جميعها مهارات يحتاجها المراهق لكونه يميل للانفصال عن والديه، ويخوض نزاعات مع أشقاءه وأقرانه. قد تشعر أن ابنك لا يستمع لك في مثل هذه المواضيع، ولكن علمه إياها بأية حال، فقد يجد نفسه في موقف معين وليس لديه أية حلول سوى ما قلته له، وعندها سينفذ ما علمته إياه دون تفكير وسيعي أهمية ما ظنّ أنه غير مهم.


مهارة إدارة العلاقات

علم ابنك المراهق أسس تكوين الصداقات، وأسس الحفاظ على ديمومتها، وأهمية فهم كل شخص لحدود الآخر، وكيف تكون العلاقات متبادلة ومتى تكون متوازنة، ذكره بأنه قد يكون مزاجيًا باختيار علاقاته، وهذا أمر طبيعي لكونه في سن المراهقة، ولكن كن له داعمًا وعلمه الصبر والتأني في الحكم على الأشخاص. ساعده على تكوين علاقات إن شعرت أنه يجد صعوبة بذلك، عرفه على أبناء أصدقائك، أقم حفلة شواء بمنزلك وادعُ إليها زملاء ابنك الذين ترى أنهم مناسبون ليكونوا أصدقاء له.


المهارات الأخلاقية

من أهم الأمور التي ستمنح طفلك المراهق دفعة نفسية وتعزز ثقته بنفسه هو أن تعلمه الدفاع عن الحق، وتفعيل دور الضمير في الحكم، وتحمل مسئوليات نفسه ومن هم أقل حظًا منه إن استطاع. يفضل المراهقون خوض تجارب مخالفة للمألوف وتحتوي على الإثارة، وهم يعون بشكل من الأشكال "ما هو صحيح" وقد يدافعون عنه بدافع إثبات ذاتهم.


المهارات الروحانية

الصبر على الشدائد، تجاوز الفشل العاطفي، تقبل الهزائم، جميعها أسلحة يجب على المراهق التسلح بها، فالحياة ليست وردية، وكل أنسان معرض للشدائد، كن المثال الحي لابنك المراهق في طريقة التعامل مع مثل هذه الأمور، وبرهن له أن هذه المواقف تبدو صعبة في البداية ولكنها تصبح أسهل مع مرور الوقت، وأن هذه كلها اختبارات تجعل من الفرد عنصرًا أقوى وأصلب.


خاتمة

التربية ليست المهمة الأسهل على وجه الأرض، ولكن هناك بعض الأشياء التي تساعدك على تجاوزها بسلاسة، أو قد تجعل منها مهمة ممتعة أحيانًا. سيحبك أطفالك إذا عاملتهم كشخص بالغ وعقلاني، فهم يبحثون دائمًا عن أصدقاء وقد يجدون أنك الصديق الأفضل لهم.





المراجع

  1. Nandini, "How To Enhance Your Teenage Children’s Personality", Indian youth, Retrieved 22/12/2021. Edited.
  2. LAURA KASTNER (04/08/2019), "10 Life Skills Every Teen Should Know", parent map, Retrieved 22/12/2021. Edited.