يشكل المراهقون ما نسبته سدس سكان العالم، أي أن واحدًا من كل ستة أشخاص يتراوح عمره بين العاشرة والتاسعة عشرة، وقد تكون الظروف العاطفية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفرد خلال فترة مراهقته عاملًا مؤثرًا في تكون شخصيته بالمرحلة التالية – البلوغ. لذا فإن تعرض المراهقين لظروف اقتصادية صعبة أو لأي شكل من أشكال التعنيف أو الإساءة قد ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية خلال فترة المراهقة وما بعدها، وقد يتسبب بأمراض وعقد نفسية بعضها يمكن علاجه وبعضها قد يلازم الفرد لبقية حياته.[١]
بحسب إحصائيات أعدتها منظمة (Global Health Data exchange – GHDx)، فإن 14% من المراهقين يعانون من اعتلالات نفسية، بعضها لا يزال غير معترف به ولم تتم معالجته، ويواجه بعض المراهقين ممن يعانون اعتلالًا نفسيًا، أو بوادر تطور اعتلال نفسي لديهم، صعوبة في طلب المساعدة الاحترافية بهذا الخصوص، نظرًا لأسباب عديدة على رأسها نقص مصادر الدعم النفسي لمثل هذه الحالات في بعض المجتمعات، والخوف من العزل الاجتماعي أو الوصم أو التمييز بسبب العلة النفسية، وهذا قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر، فتنعكس سلبًا على التحصيل الدراسي والصحة البدنية والتواصل الاجتماعي وقد تصل في بعض الحالات إلى القيام بسلوكيات خطيرة كإيذاء الذات أو حتى الانتحار.[١][٢]
ما هي محددات الصحة النفسية؟
قد تتعدد مسببات الاعتلالات النفسية لدى المراهقين بين أسباب اجتماعية أو اقتصادية أو صحية أو اثنتين منهم في آن واحد، كما قد يزيد التعرض لهذه الظروف من إمكانية الإصابة بالعلة النفسية ومدى شدتها. فعلى الصعيد الاجتماعي، يعد التمييز والتنمر والتعنيف (بأشكاله الجسدي أو الجنسي أو اللفظي) إلى جانب تقصير وسائل الإعلام بأنواعها في مجال التوعية، والتعرض للضغط من الأقران خلال فترة المراهقة، أمورًا قد تزيد من فرص إصابة المراهق بعلة نفسية تلازمه لبقية حياته مالم يتلق الدعم المطلوب.
كما أن عيش ظروف اقتصادية صعبة تشح فيها سبل العيش الكريم، والمعاناة من الفقر والعمالة المبكرة، هي عوامل قد تؤثر على الصحة النفسية للمراهق، وأما على الصعيد الصحي، فإن المراهقين الذين يعانون اعتلالات صحية مزمنة أو اضطراب طيف التوحد أو غيره من الاعتلالات العصبية فهم معرضون أيضًا للعزل الاجتماعي أو تدني فرص الانخراط المجتمعي الكافي، فينعكس ذلك سلبًا على صحتهم النفسية.
ما هي الاضطرابات النفسية التي قد تصيب المراهقين؟
من أبرز الاضطرابات النفسية التي قد تصيب المراهقين ما يلي:[١]
الاضطراب العاطفي
تشيع الاضطرابات العاطفية بين المراهقين، وعلى رأسها القلق المفرط أو نوبات الذعر أو الاكتئاب. وبحسب التقديرات التابعة لمنظمة الصحة العالمية فإن 3.6% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 14 عامًا، و 4.6% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 19 عامًا يعانون من اضطراب القلق، كما يعاني 1.1% من الفئة الأولى، و2.8 من الفئة الثانية من الاكتئاب.
الاضطراب السلوكي
وينطوي على العلل السلوكية مثل اضراب فرط النشاط مع نقص الانتباه (ADHD) الذي بدوره قد يؤدي إلى اضعاف القدرة على التعلم أو الإتيان بسلوكيات قد تصل حد وصفها بالإجرامية نظرًا لعدم الاكتراث لعواقب هذه التصرفات. وبحسب منظمة (Global Health Data exchange – GHDx)، فإن هذا الاضطراب الذي يشمل سوء السلوك قد يظهر لدى 3.6% من المراهقين بالمرحلة الصغرى (10-14 عامًا) و2.4% من المراهقين بالمرحلة الأكبر (15-19 عامًا).
اضطراب الأكل
وهو واحد من أخطر الاضطرابات التي قد تصيب المراهقين، ويحدث خلاله أن يفقد المراهق شهيته بشكل تام (anorexia nervosa) أو يصاب بالشره الشديد (bulimia nervosa)، مما ينعكس على الصحة البدنية، فقد يؤدي فقدان الشهية العصبي إلى الوفاة المبكرة، إما بسبب مضاعفات صحية لا يمكن علاجها أو بسبب انتحار المريض في بعض الأحيان.
الذهان
يصيب هذا الاضطراب بالعادة المراهقين في مراحل متأخرة من سن المراهقة أو بداية فترة البلوغ، وقد يشمل على حالات الهلوسة أو الوهم. ومن شأن هذه الاضطرابات أن تؤثر على قدرة المريض على المشاركة بالنشاطات الاجتماعية بشكل طبيعي وقد تصل إلى العزل الاجتماعي أو انتهاك حقوقه الأساسية.
إيذاء الذات أو الانتحار
يأتي الانتحار بالمرتبة الرابعة في ترتيب مسببات الوفاة لدى فئة المراهقين من الفئة الأكبر سنًا (15-19 عامًا) وقد يكون السبب ورائه تعاطي المخدرات أو الكحول بشكل مفرط، أو التعرض للإساءة أو التعنيف بفترة الطفولة والمراهقة المبكرة، وعدم القدرة على الحصول على الرعاية النفسية بسبب الوصم أو عدم توفر سبل هذه الرعاية.
سلوك المجازفة
يميل بعض المراهقين إلى المجازفة في سلوكياتهم كرد فعل على بعض المشكلات العاطفية أو الاجتماعية، وأحيانًا تضم هذ المجازفات سلوكيات عدوانية أو استخدام مفرط للكحول أو المواد المخدرة، أو الجنس غير الآمن.
عالميًا، وفي عام 2016 مثلًا، بلغت نسبة النوبات الناتجة عن الإفراط في شرب الكحول إلى ما نسبته 13.6% بين المراهقين من الفئة الأكبر سنًا (15-19 عامًا)، ويعد بدأ تدخين السجائر أيضًا من المؤشرات على سلوك المجازفة أيضا، فنسبة 87% من المدخنين الاعتياديين البالغين قد جربوا سيجارتهم الأولى بعمر يقل عن 18 عامًا.[٣][٤]
كيفية التعامل مع المراهق الذي يعاني من اضراب نفسي
يعد العامل الأهم عند التعامل مع ابن أو ابنة في سن المراهقة ممن يعانون من اضطراب نفسي هو إظهار الحب لهم وإشعارهم بقربك منهم ودعمهم، والبقاء إلى جانبهم خلال هذه الفترة التي تعد بلا شك صعبة بالنسبة لكليكما على حد سواء.
ومن النصائح التي يمكن اتباعها للمساعدة في مثل هذه الحالة ما يلي:[٥][٦][٧][٨]
- تفادى المواجهة وطرح الأسئلة المباشرة أو التحقيقية، والإصرار على سماع الإجابات، فهذا يشعر المراهق بالتهديد، وقد يدعوه لإخفاء الحقائق أو حتى الكذب.
- ذكره أنك دائمًا إلى جانبه، وأنك تحبه بكل الأحوال وهذا الحب لن يتغير، وأنك تحب أن تسمع أخباره ومشاعره وأفكاره، هذا التشجيع سيجعله يشعر بالراحة حيال الانفتاح والحديث.
- جد طرقًا تساعد ابنك المراهق على الانفتاح للحديث والمشاركة، اسأله كيف كان يومه؟ كيف أبلى اليوم بالمدرسة؟ كيف حال أصدقاءه؟
- لا تقاطعه حتى لو شارك أمورًا لا تعجبك، أجب بعبارات مثل "أنا أتفهم" و "أنا أقدر" و "أنا أعرف هذا الشعور" و "بالفعل أنت لست الملام في هذا" فهذه تعابير قد تشعر طفلك بالراحة والاطمئنان.
- لا تركز على الأمور السلبية التي يفعلها طفلك المراهق، بل امتدح كل الصفات الإيجابية فيه مهما كانت صغيرة.
- دع طفلك المراهق يساعدك في مهمة من مهام المنزل كتحضير العشاء أو تنظيف الكراج، فقد يساعده العمل على بدء الحديث مع تفادي التواصل البصري الذي قد يربكه، كما قد تستغل أنت وقتك في الحديث والقيام بالمهام المنزلية.
- كن أنت صادقًا مع طفلك المراهق وأخبره أنك تشعر بالقلق تجاه أمور معينة يعيشها أو يجد صعوبة بالتعايش معها.
- دله على مواقع الكترونية قد تساعده، أو جهات مختصة بالتعامل مع المشاكل التي يعاني منها، فهذا قد يساعده على إيجاد الحلول بنفسه في حال لم يكن قادرًا على الانفتاح لك.
- لا تلم نفسك أو طفلك المراهق بسبب ما وصلت إليه الأمور، حاول أن تهون الأمور على نفسيكما، بل ذكره أنه من الطبيعي أن يصادف الفرد مشكلات ويجد حلولًا لها.
- أخبره أنك ستكون حاضرًا ومصغيًا له في أي وقت يقرر فيه الحديث.
- امنحه خيارات عديدة حول الطريقة التي يرغب فيها بالحصول على المساعدة، كصديق للعائلة أو المرشد التربوي المدرسي أو طبيب مختص.
- ساعد ابنك المراهق على التفكير بمفرده، وشجعه على التفكير في إيجابيات وسلبيات سلوكياته، ذكره بما يعجبك فيه، وساعده على التفكير بشكل نقدي في كل ما يراه أو يسمعه.
- أخبر طفلك المراهق أنه حتى البالغين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية لا يستطيعون حلها بمفردهم، وقد يطلبون المساعدة ممن حولهم.
- لا تتردد بطلب المساعدة المختصة في حال لم تتمكن من حل المشكلة بنفسك>
المراجع
- ^ أ ب ت "Adolescent mental health", World Health Organization, 17/11/2021, Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ "GBD Results", Global Health Data Exchange, Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ world health organisation, Global status report on alcohol and health 2018, Page 51. Edited.
- ↑ "Tobacco Use Among Children and Teens", American Lung Association, 03/04/2020, Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ "Four things you can do to support your teen’s mental health", unicef, Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ ChristineXP, "10 Things Every Teen Should Know About Dealing with a Mental Health Issue", Discovery Mood and Anxiety Program , Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ "Mental health in pre-teens and teenagers", raising children, 13/05/2021, Retrieved 23/12/2021. Edited.
- ↑ "Worried about your teenager?", NHS, 07/01/2020, Retrieved 23/12/2021. Edited.